تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
حكايات جميل مطر عن السياسة وصحافة الأساتذة!
«حكايتى مع الصحافة» للمؤلف الاستاذ جميل مطر ليس مجرد كتاب فى السيرة الذاتية، لكنه قدم للقارئ شهادات من كواليس الدبلوماسية وإعلام الذئاب!
بعد حصوله على الدكتوراه من جامعة ماكجيل الكندية، بدأ حياته المهنية بإدارة المطبوعات فى وزارة الخارجية، ثم انتقل ملحقا فى سفارتنا بالهند، وبها اقترن بـ «رفيف ديانة» ابنة السفير السورى لدولة الوحدة، واستمر الزواج 50 سنة، وحين نجّاهما الله من حادث طائرة، كان أول من التقاه بالمطار محرر الأهرام فاعتبرها من تصاريف القدر!.
تميزت حكايات الأستاذ «جميل» بأسلوبه الجامع لمنطقية التحليل وصدق المعلومات وجاذبية الحكى، وتجمعت الظروف لاطلاعه بما يدور فى الصحافة، فقد تربى فى بيوت تقدس جريدة الأهرام،
منذ كان طفلا فى الثانية والثالثة يحرص أن تظل صحيفة الأهرام بكرًا لا تمسها يد فى العائلة قبل أن يحملها بين يديه إلى أبيه أو زوج خالته، أو إلى مكانها المحدد فى صالون بيت العائلة بالجمالية، دفعه الفضول لمشاهدة الصور والرسوم وحين بدأ القراءة كانت الأهرام.
ورغم أن الكتاب الصادر عن المصرية اللبنانية عنوانه «حكايتى مع الصحافة» إلا أن صديقه الاستاذ مصطفى سامى وصفه بـ «حكايتى مع هيكل»، الذى شغل معظم علاقة «جميل» مع مهنة البحث عن الحقيقة، حتى ترْكِا الأهرام وإصدارهما المجلة الفريدة «الكتب وجهات نظر»!
..وأتوقف عند مشاهد دالة ومكثفة من الكتاب:
1- "حين انتقلتُ للعمل داخل الأهرام بترحيب من الأستاذ محمد حسنين هيكل؛ وجدته أكثر عطاء ومهارة مما كنت أتوقع، ففى أول مقال علمنى الأستاذ ان قارئ الصحف ـ غير قارئ الأوراق الدبلوماسية ـ يريد ان يفهم ويُحب ما تكتب من أول فقرة، وعندما طلب فكرتى عن مركز للدراسات اقترحت وحدة لمناقشة قضايا الشرق الاوسط، ففوجئت بهيكل يدعونى لورشة عمل حضرها عقول مصر فى العسكرية والاقتصاد والسياسة بينهم الدكتور محمود فوزى نائب الرئيس والسفير إسماعيل فهمى وكيل اول الخارجية، وعشرات الخبراء، لإنشاء مركز عالمى لـ الدراسات السياسية والاستراتيجية، .. وخلال سنة ونصف السنة صار المركز قبلة لأفواج من المراسلين والصحفيين الاجانب، والى جانب جيل الاساتذة المؤسسين سيد يسين ومحمد سيد أحمد وسميح صادق كان بيننا جيل من الشباب المبشرين الذين توارثوا الجدية والاتقان منهم عبدالمنعم سعيد وأسامة الغزالى حرب ومحمد السيد سعيد، الذين حملوا الأمانة عقودا تالية"!!
2- كبر المركز وأصبح فيما بعد شوكة تزعج الرئيس السادات، الذى قال لأحمد بهاء الدين «أنا مش مستريح للمركز بتاعكو أبدا، كل صحفى فى الأهرام عامل نفسه رئيس جمهورية صغير»، .. وعندما عين على أمين خلفا لهيكل طلب من المركز التوقف عن الدراسات والسياسة والاقتصاد، والانشغال بالوظائف والمطاعم وتشجيع طلاب مصر على قضاء إجازاتهم فى أوروبا!.
3- كانت تعليمات هيكل كرئيس مجلس إدارة تقضى بأن يتعامل الصحفى الأهرامى معاملة كبار رجال الدولة إذا صدر القرار بأن يرافق وفدا رسميا مصريا فى رحلة للخارج. يسافر بنفس الدرجة والفندق ويحصل على بدلات مساوية لما يحصل عليه السفراء ووكلاء الوزارة أعضاء الوفد،
ويتحمل الأهرام جميع تكاليف تنقلاته وإقامته بأغلى الفنادق.
4- تذكرت أيام كنت ملحقا بوزارة الخارجية، كنا نقارن انفسنا بالصحفيين المعتمدين لدى الوزارة، ملابسهم وتصرفاتهم ومعلوماتهم ومدى درايتهم بتفاصيل التطورات كان حمدى فؤاد ومحفوظ الأنصارى ومعهما إنجى رشدى وهدى توفيق والناشئة هدايت عبدالنبى يتميزون عن الدبلوماسيين بوزارة الخارجية!
5- اثناء عملى بالصين حين كنا نشم رائحة نتنة نعرف أن العاصمة بكين على مسافة أقل من 30 كيلومترا، وبعد ان زرتها بصفتى صحفيا عرفت سر نظافة المدينة واختفاء الرائحة، بزيارة مركز خدمة المجتمع، حيث يتنافس تلاميذ المدارس نهاية اليوم المدرسى فى الدرجات التى يحصل عليها التلميذ مقابل ساعات صيد الذباب والعصافير وتنظيف المنطقة، وعند تخرجه يحصل على شهادة الحزب تفيده عند التقدم لأى وظيفة!
6- تقدمنا ـ هيكل وأنا ـ بطلب زيارة حى شعبى فى شنغهاى، ودخلنا بيتا صغيرا ، واستقبلنا رجل متوسط العمر يسكن وأسرته فى غرفة بالمنزل، كان هو وعائلته المسئولين لهذا اليوم عن نظافة البيت،..ويتولى كل بيت بصفة دورية مسئولية تنظيف الحارة أو الشارع المطل عليه، وهذه التقاليد توارثها الأجداد الصينيون منذ زمن الأباطرة، ولما تعثرت النظافة فى حقب معينة انتشرت الفوضى وتجارة الأفيون وكان الرضع يُلقى بهم فى صناديق النفاية والزوجات والأطفال يُباعون على الأرصفة!
7- اتبعت الصين فى حوارها مع عدوانية الغرب «دبلوماسية الذئاب».. باختيار دبلوماسيين يتحلون بالعناد ويتخلون عن الحياء وانحناءة الرأس، وسبقناهم فى مصر بـ «إعلام الذئاب» أيام أحمد سعيد، ومن الدبلوماسيين الذئاب عمرو موسى فى أسلوب انتقاد العرب والغرب المعادين لحكومة الثورة والنظام فى مصر بعبارات قوية وحادة!!
8- ..وأساتذة الصحافة صلاح منتصر وفهمى هويدى ومكرم محمد أحمد ومصطفى نبيل ومحمد العزبى وآخرون تأثرت عروشهم بتراجع الصحافة الورقية أو تحولها إلى مواقع إلكترونية.. وبانتهاء ظاهرة «الصحفى الأستاذ» الذى يمد «السياسى» بالمعلومات قبل اجهزة المخابرات والدبلوماسية؛ قَرُب انتهاء حق الصحفيين ونقابتهم فى الاحتفاظ والتمتع بمكانة اجتماعية تتفوق على مهن الطبيب والمهندس والمعلم وأعلى وأطول عمرا!
.. وكل عام وأنتم بخير
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية